حقوق المرأة في إيران

17:17 Posted by Mesk

كتب: جوزف حرب
هي تقول إن «حكام ايران مجرمون والثورة تحولت الى دكتاتورية دينية». هي، فائزة رفسنجاني التي تجاوزت كل الخطوط الحمراء، ابنة العلاّمة علي أكبر هاشمي رفسنجاني الرئيس الايراني الأسبق والرئيس الحالي لمجلس الخبراء ومجمع تشخيص مصلحة النظام، اي  «الرجل الثاني» في الثورة بعد المرشد الأعلى. ما قصة فائزة، وما هي تطلعاتها؟
آخر مرة اعتقلت فيها (20 شباط/فبراير 2011) في وسط طهران كانت منذ اسبوعين. كانت تشارك في تظاهرة للمعارضة لكنها زعمت انها قصدت السوق كي تشتري طعاماً من أجل أن يفرج عنها، والحقيقة أنها كانت تطلق شعارات تحريضية وتدير مجموعة من المشاغبين  الذين يناهضون الثورة.

فائزة هاشمي رفسنجاني من مواليد العام 1962 في طهران وهي الابنة الصغرى لعلي اكبر هاشمي رفسنجاني الذي تولى رئاسة الجمهورية الاسلامية الايرانية من 3 آب (اغسطس) 1989، حتى 2 آب (اغسطس) 1997. كانت عضواً في مجلس الشورى عن دائرة طهران بين عامي 1996 و2000. وخلال تلك الفترة أصدرت الصحيفة النسائية «زان»، وهي اليوم طالبة مسجلة في جامعة بيرمنغهام في المملكة المتحدة. وخلال الاحتجاجات على نتائج الانتخابات الرئاسية في العام 2009، خاطبت فائزة حشوداً من المعارضين، خلال مسيرة كبيرة دعت اليها اطراف المعارضة في طهران في 16 حزيران (يونيو) من ذلك العام الأمر الذي أسفر عن إصدار قرار بمنعها من مغادرة البلاد. بعد ذلك تم اعتقالها مع أربعة من أفراد عائلتها، عقب مشاركتهم في تظاهرة للمعارضة في 20 من الشهر نفسه، غير ان السلطات أفرجت عنهم جميعاً بعد وقت قصير، نتيجة لتدخل والدها الرئيس الاسبق، علماً انها كانت من أهم المساندين «الماليين» لمجموعة «انصار حزب الله» كما يقول المحلل الايراني أمير فرشاد ابراهيمي.
والمعروف ان فائزة هي مدافعة شرسة عن حقوق المرأة. وكانت بين أول من طالب بالتخفيف من القيود الدينية على لباس المرأة، رغم انها تفضل ارتداء الشادور، لكنها تعتقد انه لا يجوز فرضه على الناس، بل يجب ان يكون اختيارنا. كما انها سافرت مرات عدة الى اوروبا وافريقيا والهند لتعزيز الحوار، وهي مهتمة بتمتين العلاقات مع جميع المناطق والدول. وقد كتبت بشكل ايجابي عن الحركات الفاعلة لكل من نيلسون مانديلا، ومارتن لوثر كنغ، والمهاتما غاندي. وهي سيدة حيوية جداً، رياضية في فكرها وهندامها، وتعتبر نموذجاً حياً للمرأة الايرانية النشطة والمثقفة، التي فرضت نفسها ونقلت الصورة الحقيقية للمرأة الايرانية الى الخارج.
تعرّف فائزة عن نفسها، بالقول: انا مديرة النادي الرياضي، والأمينة العامة لمجالس غير حكومية للمرأة. كنت نائبة في مجلس النواب، وكان لدي صحيفة اسمها «المرأة» او «زان». ولثلاث فترات عملت كنائبة رئيسة وكرئيسة مؤسسة الرياضات النسوية في ايران، بالاضافة الى العضوية في اللجنة المركزية للبناء والتعمير، ورئاسة اللجنة الاولمبية للرياضات النسوية. كما انني أم لولدين، ابنة عمرها 24 سنة، وشاب عمره 21 عاماً، وزوجي طبيب نفسي وعن دور والدها في بلورة شخصيتها تقول: كان لوالدي تأثير كبير عليّ وعلى اخوتي. فقد ساعدنا في تولي عدة مراكز، وفي مواجهة المشاكل التي اعترضت طريقنا. وأنا دخلت مجال الرياضة وحققت نجاحات فيها وبعد نجاح الثورة الاسلامية، بقيادة الإمام الخميني في العام 1979، كانت هناك افكار راديكالية بالنسبة الى القضايا الاسلامية، وكانوا يظنون ان الرياضة النسائية لا تتوافق مع المعايير الاسلامية، وطلبوا مني إزالة الموانع، ومواجهة تلك النظرة الضيقة، وذلك دفاعاً عن حقوق النساء الرياضيات، فتوسعت في المجالات الرياضية كافة ونجحنا، في النهاية في تأسيس الرياضة النسوية.
اما فلسفتها بالنسبة الى ظاهرة الحجاب والشادور الايراني، فترتكز على ان هذا الامر لم يُفرض على النساء يوماً. والشعب الذي صوّت للثورة الاسلامية عبر صناديق الاقتراع، اختار ايضاً القوانين الاسلامية، ومنها الحجاب. ولا ترى فائزة ان الشادور عائق للمرأة في تحركها. وتضيف انه بعد مرور اكثر من 30 سنة على الثورة، لا بد ان تُترك المرأة الايرانية تختار الحجاب بالشكل الذي تراه مناسباً.
وفي ما يتعلق بالوضع السياسي الراهن في ايران، وحوافزها للانضمام الى المعارضة تقول فائزة انها تتمحور حول عدم توافر الظروف المحددة قانونياً للانتخابات الرئاسية السابقة في العام 2009، واعمال التزوير الواسعة التي قام بها المشرفون على تلك الانتخابات، هذا بالاضافة الى المضايقات التي تتعرض لها هي وأسرتها، بدءاً من اعتقال ابنها حسن، واحتجاز جواز سفره، والتهم التي يواجهها شقيقها مهدي والمشاكل التي تعرقل عودته الى ايران. فائزة تتحدث ايضاً عن ضرورة عودة سلطة القانون الى ايران، وهو أمر تعتبره مطلباً رئيساً للشعب الايراني حالياً الى جانب حاجاته الاقتصادية وحرية التعبير والديمقراطية وحقوق المرأة.
وفي مقابلة مع صحيفة «تلغراف» وصفت فائزة رفسنجاني حكام ايران بأنهم «مجرمون حقيقيون» مؤكدة استمرار الحركة الخضراء المعارضة، رغم وقف التظاهرات وقمع المشاركين فيها. واعتبرت فائزة ان «كل امور ايران تسير رأساً على عقب، حيث يعتبر الخطأ صحيحاً، ومن يستهدفون تدمير البلاد والدين، يعتبرون انفسهم في خدمة الامة. فالحمقى اليوم هم في القمة الى درجة ان الاكتئاب واليأس حلاّ مكان الامل والرجاء، بعد الانتخابات الرئاسية الاخيرة.
وفي حوار مع صحيفة «فورين بوليسي» قالت فائزة ان النظام الحالي في ايران صادر الجمهورية لصالح الحكومة الاسلامية، مما حوّل الجمهورية الى دكتاتورية دينية. واضافت ان الانتخابات كانت غير سليمة والنتائج تنتابها الشكوك، كما ان الحكومة قامت بأساليب قطعت شبكات الاتصال، وتعمدت في يوم الانتخابات، الوقوف في وجه المراقبين وطردهم من قاعات فرز وإحصاء الاصوات. وتطرقت الى جرائم المعتقلات والسجون وقالت: ان الجرائم لم تحدث في المعتقلات المعروفة، بل وقعت في الشوارع والاماكن العامة. وسخرت من اتهام الاصلاحيين بالثورة المخملية وأوضحت ان النظام هو الذي قام بالثورة المخملية، لأنه «صادر اصواتنا لصالح أخصامنا». وقالت: لن يبقى هناك اسم للجمهورية، هناك في ايران اليوم حكومة اسلامية اشبه بالدكتاتورية الدينية.
اما عن طموحها في تولي رئاسة الجمهورية فتقول فائزة: أظن ان المجتمع الايراني حتى الآن لا يزال لا يتقبل ان تكون المرأة في منصب رئيس الجمهورية. لدينا 300 عضو في مجلس الشورى، لا يتجاوز عدد النساء بينهم الثماني: وهذا يدل على ان المجتمع الايراني، لا يعتمد بعد على المرأة. وأعربت عن اعتقادها بأن المرأة الايرانية لا تواجه العوائق التي تواجه المرأة العربية، وان النظرة الغربية عن المرأة الايرانية مبرمجة، لأن وسائل اعلام الغرب لديها تخطيط واسع ودقيق لتشويه صورة المرأة الايرانية. وهذا ما تعرفه الايرانيات جيداً ويعملن على تقديم صورة حقيقية عن أنفسهن في جميع المجالات ومنها الرياضة التي حققت فيها المرأة الايرانية نجاحات كبيرة.
فائزة رفسنجاني امرأة شجاعة تتجاوز بخطى ثابتة الخطوط الحمراء. هي موالية ومعارضة في آن. توالي نهج الإمام الخميني الذي كان والدها من اقرب الناس اليه، وتعارض نتائج الانتخابات الرئاسية الاخيرة، الى درجة جعلتها تنزل الى الشارع لتشارك المتظاهرين في طهران. ومن قبل برز فكرها التحرري من خلال السماح لصحيفتها «زان» بنشر رسالة من الامبراطورة السابقة، فرح بهلوي الى الشعب الايراني، بمناسبة عيد النوروز، رأس السنة الفارسية، ما ادى الى توقيف صحيفتها، وصدور قرار بحبسها. واليوم تخرج فائزة من السجن بعدما شاركت في الاحتجاج مع معارضي النظام القائم، لكنها تؤيد بشراسة حق بلادها في امتلاك الطاقة النووية لأهداف مدنية وترفض المزاعم الغربية في هذا الصدد.
الى ذلك، تؤكد فائزة ان «انتهاء التظاهرات التي تنفذها الحركة الخضراء، ليست نهاية هذه الحركة. وكل حركة من هذا النوع لا يمكن ان تكون استثناءً، فهي تخضع لتغييرات استناداً الى الظروف. لكنها تعرب عن مخاوفها من ان ايران «لن تشهد انتخابات حقيقية نزيهة بعد الآن».
تجدر الاشارة الى ان والد فائزة يحتل مكانة مهمة واستثنائية في ايران، وهو يلقب بـ«الرجل الثاني» في الثورة، بعد المرشد الأعلى وخلال وجود مؤسس الثورة الاسلامية، الإمام الخميني، كان رفسنجاني في طليعة الشخصيات المقربة منه، وكان يوصف بـ«الابن الاكبر»، وكان الإمام يخصه بالكثير من الأسرار عن الثورة. لذلك لا غرابة ان يكون رفسنجاني اليوم يحمل لقب «صندوق أسرار الثورة» بفضل ما يحتضنه قلبه من الأسرار التي اختزنها الخميني له قبل وفاته.


  • Digg
  • del.icio.us
  • StumbleUpon
  • Yahoo! Buzz
  • Technorati
  • Facebook
  • TwitThis
  • MySpace
  • LinkedIn
  • Live
  • Google
  • Reddit
  • Sphinn
  • Propeller
  • Slashdot
  • Netvibes

0 comments:

Post a Comment